عبد الله بن سلام رضي الله عنه
عبد الله بن سلام بن الحارث اليهودي الأنصاري ( أبو يوسف )
من ذرية يوسف عليه السلام ، هو إمام حبر ، مشهود له بالجنـة
كان من أحبار اليهود ، وأسلم عند قدوم الرسول صلى اللـه عليه
وسلم ، وكان من فقهاء الصحابة وعُلمائها بالكتاب
نسبه
كان عبد الله بن سلام حليف الخزرج ، وكان من بني قينقاع ، وكان اسمه
الحُصين ، فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وسماه عبد الله ، ابناه يوسف
ومحمد وغيرهم ، ويوسف قد أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم فأجلسه
على حجره ومسح على رأسه ، وسماه يُوسف
إسلامه
قال عبد اللـه بن سلام رضي الله عنه :
( لما سمعت رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم عرفت صفته واسمه وزمانه
وهيئته ، والذي كنا نتوقع له ، فكنت مسرا ولذلك صامتا عليه حتى قدم
رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم المدينة ، فلما قدم نزل بقباء في بني
عمرو بن عوف ، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي
أعمل فيها ، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة ، فلما سمعت الخبر
بقدوم رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم كبرت ، فقالت لي عمتي حين سمعت تكبيري :
لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت ؟
قلت لها : ( أي عمة ، هو واللـه أخـو موسـى بن عمران وعلى دينـه ، بُعث بما بُعث به )
فقالت لي : أي ابن أخ ، أهو النبي الذي كنا نُخبر به أنه بُعث مع نفس الساعة )
فقلت : ( نعم )
قالت : فذاك إذا
وروى زرارة بن أوفى ، عن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما انه قال :
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة خرجت أنظر فيمن ينظر ،
فلما رأيت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب ، وكان أول ما سمعته يقول :
"أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس
نيام ، تدخلوا الجنة بسلام"
اليهود
قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه :
( إن اليهود قوم بهت ، وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك فتغيبني
عنهم ثم تسألهم عني حتى يخبروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي ،
فإنهم إن علموا بذلك بهتوني وعابوني )
قال : فأدخلني بعض بيوته ، فدخلوا عليه فكلموه وسألوه ، ثم قال لهم :
"أي رجل الحصين بن سلام فيكم ؟ "
قالوا : سيدنا ، وابن سيدنا ، وخيرنا وعالمنا .
فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم ، فقلت لهم :
( يا معشر يهود ، اتقوا الله ، واقبلوا ما جاءكم به ، فوالله إنكم لتعلمون
إنه لرسول الله ، تجدونـه مكتوبـا عندكـم في التـوراة ، اسمه وصفته ،
فإني أشهد أنه رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم ، وأومن به وأصدقه وأعرفه )
قالوا : كذبت .. ثم وقعوا في ، فقلت :
( يا رسول الله ، ألم أخبرك أنهم قوم بهت وأهل كذب وغدر وفجور )
ونزل قوله تعالى :
(( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل
على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ))
قال : ( فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي ، وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث ، فحسن إسلامها )
فضله
- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقصعة فأكل منها ، ففضلت فضلة ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يجيء رجل من هذا الفج من أهل الجنة يأكل معي هذه الفضلة "
فجاء عبد الله بن سلام فأكلها .
- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
يقول : " إن عبد الله بن سلام عاشر عشرة في الجنة "
- عن يزيد بن عميرة رضي الله عنه قال :
لما حضر معاذ بن جبل رضي الله عنه الموت قيل له :
يا أبا عبد الرحمن، أوصنا.
فقال رضي الله عنه : أجلسوني .. قال :
إن العلم والإيمان مكانهما ، من ابتغاهما وجدهما ، فالتمسوا العلم عند أربعة رهط :
عند عويمر أبي الدرداء ، وعند سليمان الفارسي ، وعند عبد الله بن مسعود ،
وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم ، فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول :
" إنه عاشر عشرة في الجنة ".
الرؤيا
قال قيس بن عبادة رضي الله عنه :
كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع ،
فقالوا : هذا رجل من أهل الجنة ، فصلى ركعتين تجوز فيهما ، ثم خرج
وتبعته فقلت : إنك حين دخلت المسجد قالوا :
هذا رجل من أهل الجنة ؟
قال رضي الله عنه :
( والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم ، وسأحدثك لم ذلك :
رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها
عليه ، ورأيت كأني في روضة ، ذكر من سعتها وخضرتها ، وسطها عمود
من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء ، في أعلاه عروة فقيل لي : ارقه
قلت : لا أستطيع ، فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي ،
فرقيتُ حتى كنت في أعلاها ، فأخذت بالعروة ، فقيل له : استمسك
فاستيقظت وإنها في يدي ، فقصصتها على النبي صلى الله
عليه و سلم- قال :
" تلك الروضة الإسلام ، وذلك العمود عمود الإسلام ، وتلك العروة
عروة الوثقى ، فأنت على الإسلام حتى تموت "
وذلك الرجل عبد الله بن سلام
مقتل عثمان
لما أريد قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، جاء عبد الله بن سلام
رضي الله عنه فقال له عثمان رضي الله عنه : ( ما جاء بك ؟ )
قال : ( جئت في نصرِك )
قال : ( اخرج إلى الناس فاطردهم عني ، فإنك خارج خيرا لي منك داخل )
فخرج عبد الله رضي الله عنه إلى الناس فقال :
( أيها الناس إنه كان اسمي في الجاهلية فلانا فسماني رسول الله صلى
الله عليه وسلم عبد الله ، ونزلت في آيات من كتاب الله عز وجل ..
نزل في : (( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم ))
ونزل في : (( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ))
إن لله سيفا مغمودا وإن الملائكة قد جاورتْكم في بلدكم هذا الذي نزل
فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالله الله في هذا الرجل أن
تقتلوه ، فوالله لئن قتلتموه لتطردن جيرانكم الملائكة ، وليسلن سيف الله
المغمود فيكم فلا يغمد إلى يوم القيامة )
قالوا : ( اقتلوا اليهودي ، واقتلوا عثمان )
خروج علي
نهى عبد الله بن سلام علي بن أبي طالب رضي الله عنهما عن خروجه إلى العراق ، وقال :
( الزم منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تركته لا تراه أبدا )
فقال علي رضي الله عنه : ( إنه رجل صالح منا )
وفاته
توفي عبد الله بن سلام رضي الله عنه
بالمدينة سنة ثلاث وأربعين
والله ولي التوفيق